الشيخ مختار بن إبراهيم الدروبي (1282هـ/1864م – 1934م):

طباعة

 

سيرة الشاعر:
ولد في مدينة حمص (سورية)، وفيها توفي. عاش في سورية. نشأ في كنف أمه بعد أن توفي عنه أبوه وهو ما يزال طفلاً، شب تلقى الدروس العربية و البيان و البديع على العلامة المشهور المرحوم محمد المحمود الأتاسي، ثم سافر إلى دمشق و أقام فيها سبين عدة، أخذ العلوم خلالها على أفاضل العلماء.
و لما بلغ الثامنة عشرة من عمره عاد إلى حمص و فتح محله التجاري لبيع الأقمشة في سوق آل الجندي بحمص، و عمل تاجرًا للأقمشة قرابة خمسين عامًا، وقد انحصرت حياته الاجتماعية في بيئة علمية راقية، فكان يلازم أعلام حمص البارزين في العلم والأدب والفضل، وكان يباحثهم ويساجلهم. عُرف بحبه للفن وسماع الأصوات الحسنة، وله العديد من الموشحات والقدود.

الإنتاج الشعري:
أورد له كتاب «أعلام الأدب والفن» العديد من النماذج الشعرية، وله ديوانان مخطوطان.
يدور شعره حول همومه الذاتية والوجدانية، فقد كتب في الغزل والحنين والاستعطاف، إلى جانب شعر له في المحاججة والرد على الخصوم من المدعين الذي يتسترون وراء مظاهرهم الخادعة. كما كتب في الرثاء الذي خصّ به أولي الفضل من العلماء. مؤمن بعروبته، مدافع عن حريتها، وله شعر في الفخر الذاتي، وكتب في شكوى الزمن، كما كتب الموشحات والقدود الشامية، وله في المساجلات والمطارحات الشعرية الإخوانية. تتسم لغته باليسر، وخياله بالنشاط.

مصادر الدراسة:

أدهم آل جندي: أعلام الأدب والفن (جـ2) - مطبعة الاتحاد - دمشق 1958.

عناوين القصائد:
•    شكوى ورجاء
•    خطوبٌ ألـمّت
•    رثاء الدر
•    مفاخرة
•    موقد الحب
•    دموع
•    وَجْدٌ وشوق

شكوى ورجاء
أتيـتُ كرامَ الحيِّ و الدهـرُ جائـرُ    و ما لي سـواهم في البريّةِ ناصـرُ
أجـلاّء أخيـارٌ بعـزّ جـوارهـم    ليـوثٌ لنصـر المسـتَهام كواسـر
رجـوتهمُ إذ ضاق أمـري بعلَّتـي    و باحـت بما أضمرتُ مني السرائر
جـرَتْ أدمعي نَهْلاً وهدَّتْ جوارحي    وبـتُّ بنيـرانٍ تشــبُّ الضمائـر
فيـا سـادةً حـطَّتْ رحالـي بحيِّهم    و جئـت وظنّـي أنَّ حظِّـيَ وافـر
ألا فـانقذوني من غمومـي بحقكـم    و جـودوا بعطفٍ عَلَّ تُجْلَى النواظر
لقـد طالمـا أشـكـو ودائيَ مؤلـمٌ    و حاشـا بكـم في أن يُخَيَّبَ خاطـر

خطوبٌ ألـمّت
لقد نَدبَ الدهرُ البلاد وعزَّها    و جار عليها الانتدابُ فملَّتِ
أمن نهضةٍ يا لَلْحمَى عربيةٍ    يشيب بها للدهر أسودُ لِـمَّةِ
فتُرجعُ مجدًا شامخًا لأصوله    و إلاسـلامٌ ليس مـن وطنيَّة
أجِلَّقُ صبرًا للنوائب واحملي    خطوبًا عظامًا بالبلاد ألـمَّت

رثاء الدر
في رثاء مفتي حمص: حافظ الجندي
فقـدْنا مـن الـدرِّ الثمين يتيمـا    فـأصبح هـذا الدهـرُ بعْدُ يتيمـا
بكتْه السّما والأرضُ زال نُضَارها    وأضحـى فـؤاد العالميـن كليمـا
لقـد كان بحـرًا في العلوم لسائلٍ    ويزري الدراري حيث فاض علوما
سقى الله منه «حافظ» العهد رحمةً    وأسـكنـه دار الخــلـد نعيمـا

مفاخرة
أنا ابنُ جَلا وابْن القريض وبيتُهُ      ولي فيه أبكارٌ بحسنِ معاني
لها عشقتْ أهلُ النُّهَى وتفاخرتْ     بأوصافها الحسناءِ حورُ جِنان
على هام حُسَّادي أدوس بأرجلٍ     لي الشرفُ العالي بكل مكان
أنا ابن الحجا «مُخْتارُه» ومَليكُه     وبدر المعاني والأوانُ أواني
وإن يكُ قد جاد الألى بقريضهم    فخاتمهم نَظْمي وحسنُ بياني

موقد الحب
أرَى وجْـهَ بـدري مشرقًا فأخـالُه    صبـاحًا مضيئًا أو نهـارًا تَبلَّجا
و أحسبُ وردَ الخدِّ من سَفْحِ مَدْمعي    وسفْك دمـي يومَ الوداع تضرَّجا
و ما ذاك وردٌ بالخــدود و إنمـا    رأى القلـبُ مني موقـدًا فتأجَّجا
نعم أنتَ غصنٌ فوقه الشّمسُ أشرقت    وبدرُ جمال ظلّ يُشْرق في الدجَى

دموع
سهامُ لحـاظٍ أم رماحُ قُـدودِ؟    وريـح صَبًا أم ذا أريجُ برودِ؟
ونارٌ بـذاك الخدِّ مثلجةٌ تُرَى    وجمرٌ بصحنٍ أم نُضار وُرود؟
و ماءٌ بوجْنـاتٍ تموج تلألؤًا    و إلا ريـاحيـنٌ وعَذْب ورود
وقلبي به نارُ الجحيم تسعَّرت    وإلا فـذا دمعي يَزيد وقـودي

وَجْدٌ وشوق
قد ذابَ قلبـي و الحَشـا شوقًا إليكْ    أقضي الليالي سـاهرًا وجدًا عليكْ
أَوَ يا تُـرى دهـري يساعدني لديك    و يمُنُّ لـي يومًا أراني فـي يديك
أحظَى بوصْلك لـو بطيفٍ من مَنامْ    أنا مغـرَمٌ بين الورى كلي شجونْ
أنا واحـدٌ بالوجـد مني والجنـونْ    جسـمي و قلبي والحشا كُلٌّ عيون
ما من مُجيبٍ قد مضَى أو قد يكون    إلا ودوني في الهوَى أو في الغرامْ

عين في عام 1301 هـ أمينا على وقف مسجد سيدنا الحسين بن عبد الله لإدارته و تأمين خدماته و ضبط حساباته و إدارة أعمال قرية زريقات التابعة لهذا الوقف.



كان يقضي أكثر أوقاته و هو يقرض الشعر في محله التجاري، و قد راقت له الحياة و بسم له الدهر في مطلع شبابه و كهولته و اتسع رزقه. جمع شعره في ديوانين كبيرين فيهما من جميع أبواب الشعر، في المواعظ و الحكميات و الزهد و الغراميات و الغزل و الحماسة و الوطنيات و الرثاء و المدائح النبوية و تشاطير و تخاميس كثيرة، و ندر نظمه بالمدبح، و قد أكثر من نظم الغراميات و الغزليات و حارب السفور و المتفرنجين، و ذم نهايات العهد التركي بماسببه للبلاد العربية و أهلها من خراب و دمار و نفي و تشريد و تجويع، و صب جام غضبه على المنتدبين الفرنسيين، و كان يهوى الفن و سماع الأصوات الحسنة و له موشحات و قدود جميلة، و كان يتمتع بمتانة أسلوبه و روعة وصفه.

آخر تحديث ( الجمعة, 05 شباط 2010 20:49 )